تصدر ما شكلته الأودية والقرى والهجر المحيطة بمكة المكرمة من عمقٍ استراتيجي عبر عصور التاريخ شملت النواحي السياسية والاقتصادية والاجتماعية والعلمية أوراق اللقاء العلمي الذي أقامته دارة الملك عبدالعزيز ممثلة في مركز تاريخ مكة المكرمة أمس "الأحد" عن تاريخ مِرْ الظهران (وادي فاطمة) وتراثه عبر التاريخ ، كما تناول أعمال الدولة السعودية الحديثة في تنمية جوانبه المختلفة، وحضر اللقاء في مركز التنمية الاجتماعية بمحافظة الجموم نخبة من الباحثين والمهتمين بالدراسات التاريخية ، ورصد اللقاء التعريف بهذه الأودية وأبرزها وادي فاطمة التي أمدّت مكة بما تحتاجه من الماء والغذاء في الأوقات التي كانت فيها أم القرى قديماً وخاصةً في مواسم الحج والعمرة بحاجة ماسة للغذاء فتسد حاجاتها التموينية.
المجال للجميع
واستهل اللقاء بكلمة لمعالي الدكتور فهد بن عبدالله السماري الأمين العام المكلف لدارة الملك عبدالعزيز أبرز خلالها القيمة الثقافية والتاريخية لوادي فاطمة مما يفرض أهمية إخراج البحوث والدراسات التاريخية والجغرافية والمعمارية التي تخدم تاريخ الوادي بما في ذلك تاريخه في العهد السعودي، وإتاحة الفرصة للمهتمين بالجوانب التاريخية والحضارية والآثارية من أهل هذه المنطقة لإبراز ما لديهم من بحوث ودراسات، وفتح المجال أمام الجميع للإسهام في فعاليات هذا اللقاء بالمشاركات البحثية .
سلمان التاريخ
ونوّه معالي الأمين العام المكلف للدارة بمخزون وادي مر الظهران التاريخي وأهميته التي يجب استظهارها كنموذج للاهتمام بالمواقع المختلفة، ضمن اهتمام الدولة بالتاريخ ، وتنويع ظهوره واستحضاره الذي تضاعف في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز فهو ــ حفظه الله ــ واعٍ بالتاريخ وأهميته وهو أيضا ممن صنعوا التاريخ الوطني ، وأكبر إشارة إلى ذلك هو الاتكاء على مفردات التاريخ والتراث الوطنيين في رؤية 2030 السديدة كمكون أساسي في الهوية الوطنية،وبما يضمه من تاريخ الإنسان السعودي فالمواطنين والمواطنات جزء ثري من هذا التاريخ الذي يربط بين الأماكن والنواحي والمواقع بفضل تنقل الإنسان وإنتاج الأفكار الجديدة.
الذاكرة الشعبية
وأضاف معاليه أن التركيز على وادي مر الظهران جزء لا يتجزأ من تاريخ المملكة والجزيرة العربية ، وله عمق تاريخي وحضور معرفي ، وأشار إلى أنه يجب أن لا نكتفي بتاريخ هذا الموقع المكتوب في الكتب،بل نتعداه إلى توثيق القصص تختزنها الذاكرة الشعبية، داعياً إلى العمل الجماعي الذي يقدم عملاً بحثياً متكاملا وشاملا وبمنهجية محكمة يستظهر أقصى نقطة من مكانة هذا التاريخ وتواجده.
البوابة الشمالية
من جانبه أثنى محافظ الجموم عمران بن حسن الزهراني على دور دارة الملك عبدالعزيز ممثلة في مركز تاريخ مكة المكرمة لإقامة هذا اللقاء العلمي عن وادي مر الظهران "وادي فاطمة" مبرزاً الإرث التاريخي والجغرافي والحضاري لمحافظة الجموم كونها البوابة الشمالية لمكة المكرمة، وتقع على طريق هجرة المصطفى عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم، وفيها الكثير من المعالم التاريخية .
الجموم تشكر
وعبر أهالي محافظة الجموم خلال كلمة ألقاها نيابة عنهم هيزع بن علي البركاتي ، عن الشرف الكبير الذي تميز به وادي مر الظهران حيث امتزج فيه عمق التاريخ وحضارة الآثار، مشيرين إلى امتداد الاهتمام بمحافظة الجموم من عهد الملك عبدالعزيز –رحمه الله- حتى هذا العهد الزاهر .. عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز –حفظه الله- ، وأشار إلى أن وادي مر الظهران"وادي فاطمة" مضمارٌ تسابق فيه المؤرخون والباحثون والكتاب والمؤلفون والرحالون قديماً وحديثاً ، ومما ساعد على هذا قربه من مكة المكرمة ووقوعه على الطريق إليها ، مؤملين أن يكون هذا اللقاء بذرة لتأسيس مشروع علمي يعنى بتاريخ الوادي .
المقومات السياحية
فيما تطرق الدكتور عبدالله بن سعيد الغامدي في كلمة نيابة عن الباحثين إلى المخزون التاريخي والمعرفي والحضاري الذي يحتفظ به وادي مر الظهران ، وأوصى مختلف الباحثين بالتعمق في دراسة تاريخ هذا الوادي وما اتسم به من مقومات سياحية واقتصادية .
عيون الوادي
وتطرقت الجلسة الأولى في اللقاء العلمي التي رأسها محمد بن أحمد حسن طيب لـ "وادي مر الظهران من عهد خزاعة حتى فتح مكة .. دراسة تاريخية" بمشاركة الدكتور عبدالله بن عويض العتيبي ، فيما تناولت الجلسة عبر ورقة عمل "العيون في أودية مكة المكرمة .. دراسة حالة لعيون وادي مر الظهران (وادي فاطمة)" أعدها كل من : الدكتور محمد البارودي ، وبدر بن ستير اللحياني ، وتناول بحث مقدم من الدكتورة فاطمة بنت محمد المباركي "اسم وادي مر الظهران بين ما ورد في كتب المعاجم وروايات المؤرخين" .
مبرّة الملك
وخصصت الجلسة الثانية في اللقاء العلمي التي رأسها الدكتورهاشم بكر محمد حريري لـ "جهود جلالة الملك عبدالعزيز –رحمه الله- في استصلاح وتطوير عيون وادي فاطمة ما بين عام 1366هـ وعام 1367هـ من خلال مشروع عين العزيزية" بمشاركة بدر بن ستير اللحياني ، وتناول بحث مقدم من الدكتورة حنان بنت عبيد الجدعان "وادي فاطمة (مر الظهران) محطة قوافل الحج" وفي ورقة عمل لمهدي بن نفاع القرشي تابع الحضور"مبرة الملك عبدالعزيز الخيرية في وادي فاطمة" التي أنشأها الملك عبدالعزيز حين زار المنطقة ، بينما تطرق المهندس فهد بن بندر الشريف لـ "بعض من تاريخ العمران بوادي مر الظهران" .
الطائف ــ بحرة
الجدير بالذكر أن وادي فاطمة "مر الظهران" هو أحد الأودية الموجودة في المملكة العربيّة السّعوديّة ، وهو من الأودية الكبيرة الموجودة في تهامة ، ويبدأ جريانه من جهة الشرق إلى جهة الغرب ؛ حيث يبدأ بالقرب من مدينة الطائف ، كأعالي جبال السراة ، لينتهي في المنطقة الموجودة بين كلٍّ من مدينة مكّة ومدينة جدّة ، والتي تُعرف باسم بلدة "بحرة".
محطة قوافل
ويُعرف هذا الوادي بوفرة مياهه وخصوبة أراضيه ؛ وقد اهتمّت المملكة بهذا الوادي ومجرى نهره ، ولذلك قامت ببناء سدٍّ عليه عام الـ 1405هـ باسم سد وادي فاطمة ، ويتميز وادي فاطمة بموقعه الاستراتيجي كمركز بين مكة المكرمة والمدينة المنورة والطائف وجدة ، وقد اشتهر بأنه إحدى المحطات الرئيسة لتوقف القوافل بها خاصة قوافل الحجاج .